بقلم / عبد الواحد السماعي


السبيل الى انصاف المظلومين

مكثتَ طويلاً أتأمل تفاصيل الحرب في اليمن، ويصيبني الإحباط للتراجع السريع لحال اليمنيين اجتماعياً واقتصادياً، وأتحسر على بصماتها السوداء على واقع المجتمعات الضعيفة والأكثر فقراً، لاسيما في قريتي الريفية (باسق) الأكثر حرماناً من ابسط مقومات الحياة.

لقد دفع انشغال الناس بأخبار الحرب الى إيمانهم باستحالة دخول اية مشاريع تنموية إلى قريتهم واليمن عموماً، في ظل توسع الدمار والعنف من ناحية وايضاً انعدام وجود أي لاعب تنموي يستهدف مثل هذه المناطق المحرومة.

بدأت في التفكير وطرح الأسئلة على نفسي ما هو السبيل الى إنصاف هؤلاء المحرمين؟ حاولت الإجابة على هذا التساؤل لكني عجزت عن إيجاد إجابة تنصف هؤلاء إلا أن يقوموا هم بإنصاف أنفسهم، ومن هناء بدأت فكرة طرح مبادرة مجتمعية أسميناها (إنصاف النفس)

بدأت المبادرة في طرح فكرة جمع التبرعات من أبناء المنطقة لإصلاح الطريق الرابط بين قرية باسق وقرية المشنة والذي يبلغ طوله حوالي 12 كيلو متر


بالعزم والإصرار تذلل الصعوبات


تم الاجتماع في منزل امين عام المجلس المحلي الشيخ يحيى احمد مجلي بحضور المجموعات الشبابية التي تنبت الفكرة وتم طرح الموضوع على امين عام المجلس المحلي وتم الموافقة على المقترح.

بدأت العملية الفعلية لجمع التبرعات، كان للشيخ صالح احمد السماعي الفضل الأكبر في تحفيز الناس على المساهمة والتبرع لإصلاح الطريق، كان هناك تفاعل غير متوقع، خلال يومين تم جمع مبلغ ستمائة وخمسون ألف ريال رغم الظروف المعيشية الصعبة وحالة الناس البسيطة في هذه المنطقة، استمرت الحملة حوالي أسبوع حتى وصل المبلغ مليون وثمانمائة ألف ريال


المبادرة على ارض الواقع


فعلاً تم استدعاء الشيول للبدء في عملية إصلاح الطريق بحضور العديد من الشباب من أبناء القرية الذين قاموا بإصلاح مجاري السيل وعمل العبارات للحفاظ على الطريق من السيول ، قمت انا شخصياً بزيارة الى موقع العمل للإطلاع على سير العمل في الطريق التقيت بالأخ الشيخ / صالح احمد السماعي الذي أكد أن المبادرة حققت نجاح لم يكن يتوقعه وقد تم اصلاح حوالي 8 كيلوا متر من اجمالي 12 كيلوا متر من الطريق المدمرة ، مما شجع الجميع على التواصل وتحفيز الناس على التبرع لاستكمال باقي الطريق ، وفعلاً تم العمل على جمع مبالغ مالية أخرى وتم استكمال اصلاح الطريق بالكامل


نجاح مماثل


المرحلة الثانية من المبادرة تجسدت في تحديد الأماكن التي تحتاج الى رصف بالأحجار لإعادة رصفها واصلاحها ونشر الفكرة بين القرى البسيطة بحيث يقوم أبناء كل قرية برصف مكان داخل قريتهم وتم تشكيل لجنة إشراقية وصندوق مالي ولجنة إعلامية، انتشرت المبادرة في أغلب القرى المجاورة ووجدت صدى واسع فالجميع يعمل في إصلاح ورصف الطرق دون استثناء الشيخ، والمعلم، والطالب، والمزارع، والمدير، ودون أي مقابل مادي.

كانت قرية باسق تحديداً (بيت السماعي) هي اول القرى التي استجابت للمبادرة حيث قاموا بعملية جمع التبرعات والمشاركة في تكسير الأحجار وشراء الاسمنت لإصلاح (عقبة المهزوم) ورصفها بشكل طوعي.

وأوضح الشيخ احمد صغير السماعي أن المبادرة امتزجت بإرادة شبابية ممتلئة بالعنفوان والحيوية، حيث تم أنشاء مجموعة على الواتس آب لجمع التبرعات وتبادل الأفكار وطرح المقترحات.

وقال الأستاذ عادل السماعي مدير المدرسة في المنطقة إن هذا الحضور العملي في الزمن الصعب يقدم نموذجاً استثنائياً جديراً بأن يقتدى به، وقصة نجاح تختزل تاريخ اليمن الحضاري الضارب في أعماق التاريخ ليكرر هؤلاء الشباب تجارب اجدادهم الذين شادوا الحصون والقلاع على هامات الجبال.


مشاركة المرأة


وأضاف الأستاذ / زياد احمد السماعي المسئول الإعلامي للمبادرة بالدور الفعال التي أسهمت به المرأة خلال هذه المبادرة، فمنهن من تبرعن بخواتمهن الذهبية، واموال نقدية وعينية، وهن ايضاً رديفات الرجال، ويقمن بعملية نقل الماء على رؤوسهن لإصلاح الطريق وأعداد الطعام والشاي والكعك للشباب وارسالها الى مواقع العمل.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

Who benefited from the Yemeni war

Who benefited from the Yemeni war By Abdulwhed Alsomiee Introduction The militant Islamist group al-Qaeda in the Arabian Peninsula (AQAP) was formed in January 2009 through a union of the Saudi and Yemeni branches of  al-Qaeda , when thousands of mujahedeen returned to Yemen after fighting the Soviet occupation in Afghanistan. The roots of the organization reach back to the 1990s, when mujahedeen who had been fighting against the Soviets in Afghanistan, including both Yemenis and foreigners whose own countries refused to let them return, resettled in Yemen and were repatriated by the ruling Saleh regime, Osama bin Laden was among a group of foreign Afghan veterans who resettled in Yemen. Bin Laden began training and financing jihadists in the country in the early 1990s, and formed a militant group called Islamic Jihad in Yemen. AQAP remained highly active. Many Yemenis suspect that the government, in spite of its collaboration with the U.S., also maintained ties with AQAP
قراءة المزيد

Saudi members of Al-Qaeda in Yemen

Introduction By   abdulwhed alsumae Al-Qaeda in the Arabian Peninsula, the product of a merger between the terror group's Yemeni and Saudi branches, is considered al-Qaeda's most dangerous branch of all. AQAP has been bolstering its operations in Yemen over the past few years after key Saudi operatives fled there following a major crackdown in their homeland.               The fighters, including those returning from the wars in Afghanistan and Iraq, have established sanctuaries among a number of Yemeni tribes, particularly in three provinces bordering Saudi Arabia. The group is estimated to have hundreds of fighters as well as thousands of followers. Al-Qaeda in Yemen, or al-Qaeda in the Arabian Peninsula (AQAP), as it calls itself at the moment, has gone through different phases. During the era of the Afghan Jihad, Arab fighters recruited a large number of Yemenis, and Osama bin Laden relied on them as personal bodyguards. After the U.S. invasion of Afghanista
قراءة المزيد

Islamic schools in Yemen and their relation to terrorism

Islamic schools in Yemen and their relation to terrorism By Abdulwhed AL-sumae Introduction More than four decades have passed since the arrival of hundreds of foreign Salafis to Yemen to study and seek the forensic science and learn Arabic in Salafist sheikhs in a number of Islamic centers located in more than one Yemeni province, most notably the Damaj district in the northern Yemeni province of Saada Which was founded by the late Sheikh Muqbil bin Hadi al-Wadai in 1979. Dozens of convoys of Salafist students from Arab, Western and Eastern countries arrived in a formal way to seek knowledge at Sheikh Muqbil bin Hadi al-Wada'i's center, and then moved to other centers in the central Yemen crossing area, the southern city of Lahj and other Islamic centers in Marib and Sana'a. Yemen has received thousands of foreigners, including Westerners, to learn Arabic or the principles of Islam at universities or religious schools, sometimes out of control of the autho
قراءة المزيد